languageFrançais

مؤتمر 'كوب 30'.. من أكثر مفاوضات المناخ تعقيدا في التاريخ الحديث

في مدينة بيليم بمنطقة الأمازون البرازيلية، انطلق مؤتمر الدول الأطراف في اتّفاقية للأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 30)، اليوم الاثنين، بحضور نحو 50 ألف مشارك يمثّلون أكثر من 190 دولة ومنطقة ومجموعات سكان أصليين، ومع توقّعات بأن تكون المفاوضات من بين الأصعب في التاريخ الحديث، بهدف منع انهيار التعاون العالمي بشأن المناخ.

والمؤتمر الذي يمتدّ من العاشر من نوفمبر حتّى 21 من الشهر ذاته، كانت قد سبقت أعماله لقاءات جمعت قادة الدول يومَي الخميس والجمعة الماضيَين، الذين أقرّوا بالفشل في ما يخصّ تحقيق هدف اتفاقية باريس للمناخ (2015).  

وقد حرص الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا على إقامة هذا المؤتمر في المدينة الواقعة شمالي البلاد، تحديداً، رغم نقص الفنادق فيها، أملاً بأن تفتح الأمازون أعين المفاوضين والمراقبين ورجال الأعمال والصحافيين الذين تقاطروا إلى بيليم ذات المناخ الاستوائي المتقلّب. وكان لولا قد صرّح قبل هذا الحدث بأنّه "سيكون من الأسهل تنظيم مؤتمر الأطراف في بلد غنيّ"، لكن "نريد أن يرى الناس الوضع الحقيقي للغابات ولأنهرنا وللسكان الذين يعيشون في المنطقة".

 

وتُعاني غابات الأمازون المطيرة، التي تؤدّي دوراً حيوياً في مكافحة تغيّر المناخ بامتصاصها الغازات المسبّبة للاحترار، من ويلات كثيرة تشمل إزالة الغابات وتعدين الذهب غير القانوني والتلوّث وعمليات الاتّجار غير المشروع وانتهاكات شتّى بحق السكان المحليين، خصوصاً مجتمعات السكان الأصليين.

مفاوضات غامضة..

ويبقى غموض كبير، يرتبط تحديدا بجوهر مفاوضات "كوب 30" على مدى الأسبوعَين المقبلَين، إذ يُطرَح سؤال كبير حول إمكانية أن يتّحد العالم لمواجهة أحدث توقّعات الاحترار الكارثية، وكيفية تجنّب الصدام بين الدول الغنية وتلك النامية. 

ومن الأسئلة المطروحة كذلك: من أين سوف تأتي الأموال لمساعدة الدول المتضرّرة من الأعاصير والجفاف، مثل جامايكا التي اجتاحها في أكتوبر المنصرم أقوى إعصار منذ نحو قرن، أو الفيليبين التي ضربها إعصاران مدمّران في غضون أسبوعَين؟.

كذلك يُسأل عمّا يكمن وراء "خريطة طريق" الوقود الأحفوري التي قدّمها الرئيس البرازيلي، يوم الخميس الماضي، في اجتماع قادة الدول الذي عُقد قبل الانطلاق بأعمال "كوب 30" الرسمية؟ فقد استعادت صناعة النفط والدول المنتجة له قوّتها منذ وقّعت دول عديدة، في خلال مؤتمر "كوب 28" الذي عُقد في دبي بالإمارات العربية في عام 2023، اتفاقية "الانتقال" للتخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري.

وبدوره، سأل رئيس المؤتمر البرازيلي أندريه كوريا دي لاغو: "كيف سوف نفعل ذلك؟ هل سوف يكون ثمّة إجماع على كيفية المضيّ قدماً؟ هذا أحد الألغاز الكبرى لمؤتمر الأطراف (كوب 30)".

ترامب الغائب الحاضر

منذ 30 عاماً، سنوياً، راحت الدول الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، التي اعتُمدت في البرازيل في خلال قمة الأرض التي عُقدت بمدينة ريو دي جانيرو في عام 1992، تتفاوض من أجل تعزيز منظومة المناخ.

وتُوّج الجهد المبذول في عام 2015، من خلال اتفاقية باريس للمناخ، تلك التي تُلزِم العالم بحصر الارتفاع في درجات الحرارة بدرجتَين مئويّتَين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وبمواصلة الجهود للحدّ منها إلى 1.5 درجة مئوية. واستمرّ هذا النهج طوال فترة ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى (2017-2021).

وكان قبل أسابيع، أقرّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بأنّ تجاوُز هذه العتبة قريباً صار أمراً "حتمياً"، ودعا إلى أن يمتدّ هذا التجاوز لأقصر فترة ممكنة. وهذا يعني، ضمناً، الحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى العالم، ويعود ذلك أساساً إلى حرق النفط والغاز والفحم.

وتُناضل مجموعة من الدول الجزرية الصغيرة لإدراج معالجة هذا الفشل على جدول الأعمال. وقال مستشار مجموعة أقل البلدان نموا في مؤتمر الأطراف مانجيت داكال لوكالة فرانس برس إنّ "1.5 درجة مئوية ليست مجرّد رقم أو هدف، إنّما تمثّل مسألة بقاء"، مضيفاً "لا يمكننا تأييد أيّ قرار لا يتضمّن مناقشة فشلنا في تجنّب ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية".

وتغيب الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر اقتصاد في العالم وثاني أكبر مصدّر لانبعاثات غازات الدفيئة، عن اجتماعات مؤتمر الأطراف بشأن المناخ، للمرّة الأولى في تاريخها. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ ترامب، الذي عاد في جانفي الماضي إلى البيت الأبيض في ولاية رئاسية ثانية، ليس غافلا تماماً عن مؤتمر "كوب 30" أو عن إزالة الغابات. فهو ندّد، أمس الأحد، على وسائل التواصل الاجتماعي بـ"فضيحة" قطع الأشجار في منطقة بيليم لبناء طريق، وذلك تعليقاً على تقرير بثّته قناة "فوكس نيوز" الأمريكية.

العربي الجديد

share